ADAB !!!

الأربعاء، أغسطس 11، 2021

خواطر من الجناح 309 ... مستشفي شرم الشيخ الدولي (الحلقة الأولى)

خواطر من الجناح 309 ...

مستشفي شرم الشيخ الدولي

(الحلقة الأولى)

(1)

لحظة صمت ...

مترعة بسكون الموت

عميقة ...

مهيبة ...

جليلة ...

كجلال الموت

تخلي الكون بغتة ...

عن ضوضائه العتيدة

و انفض الجمع

و أسفرت الدنيا الجديدة

عن لحظات متتالية ...

تبدل أقنعتها ...

و كلها ...

ليست إلا أقنعة للموت

(2)

إنفض الجمع و بقيت وحدي ...

فقط أنا و أنت ...

يا ماضيّ الموهوم

يا واقعي المأزوم

يا قدري المحتوم

وحدي أنا و أنت

(3)

و أمنيات ...

يائسة خجلي

تحلم بالنجاة ...

بالحياة ...

تتسلل من قلبي كفقاعات

ثم تتلاشي ...

و يتلاشي كل ما تمنيت

(4)

في الغرفة البيضاء

لا مهنة لخيال ...

و لا إجابة لسؤال

و لا صدي للصوت

في الغرفة البيضاء ...

يتجسد الهواء من حولي

أنفاساً...

و أشباحاً ...

و أجساداً...

لبشر مروا من جانبي

فيالكثرة ما رأيت

و في إستطالة الصمت الدميم

و في فنائه الممتد ...

علي مرمى البصر

تتداعي ذكريات ميتى

تتكاثف ...

كسحابات شتاء رماديّ

و تتحاور كثيراً...

و تثرثر...

فلشد ما أعاني

و لشد ما عانيت

(5)

أستيقظ كل ليلة فزعاً

مازال هدير المجتمعين في الميدان

يزورني كلما أغمضت عيني ...

مازال مراسلو " الجزيرة "

يلوحون بسيوفهم

في وجهي

مازال توحد العالم ضدي

ينثر الشوك علي سريري

و يبث السم في قلبي

أين الجنود ؟ ...

أين الحشود ؟...

أين الوفود ؟ ...

كيف تجيئني الطعنة ...

و مازلت مرتدياً دروعي

كيف تسللت الهزيمة ...

من حيث ما توقعت

(6)

آه لو يعلم الفرعون

ما يدور خلف ظهره

آه لو أستمع ...

لأفكار حاشيته

آه لو كان يري ...

ما تخبئه تحيات الرعية

كلما تحرك موكبه

آه لو كان يدرك ...

أنه سيغرق وحده

و أن يده القابضة علي الصولجان

ستكون أول من يخونه ...

حين يسقط علي الأرض

(7)

تزورني الصحف كل صباح

فأنكرها ...

كما أنكر في ملامحي الجديدة

رهبة السجين

أهذه صحفي ؟ ...

أهذه قصوري ؟ ...

أهذه قلاعي ؟ ...

كيف صارت للغرباء متنزه ؟! ...

و صارت منبراً للمتسكعين ؟! ...

أقلبها ...

أين مقالات الحمد ؟

أين قصائد الفخر ؟

أين آلاف الدواوين ؟!! ...

أقلبها ...

أفتش بين الصفحات في جنون

أفتش بين السطور

أبحث عن إشارة...

عن دلالة تقول...

إنني كنت يوماً ملكها المتوج

القائد ...

و الزعيم

أيها الصحف التي

كانت يوما قلاعي

و كنت لها الحامي الأمين

هلا ذكرت أي لمحة من ماض ...

كنت فيه و كنت

(7)

هل تذكر مصر ...

ككل عام يوم مولدي ؟...

تري كيف سيذكرون

سيرة الربان ...

و السفينة ...

و النجم الذي به مصر تهتدي ؟! ...

أي مفاجأة سيعدها المريدون ...

و بأي شكل سيحتفلون ؟

أم هل تفاجأني مصائب أخري؟!!

فأهتف في فزع :

ليتني ما ولدت ...

(8)

يفحصني الطبيب بأمر النيابة

و أفحصه ...

ألمح إرتجافة خفيفة في أصابعه

طالما هزت من وقفوا أمامي

و ألمح ورائها ...

نظرة ظفر

سيتباهي أمام أصدقائه و لا شك

بأنه المعنيّ بمتابعة الرئيس

و أنه بكلمة منه يقوم و يقعد الناس ...

في بر مصر

و أضحك في نفسي من غروره

ألا ما أوهن أحلامك ...

و ما أحط فخرك ...

و ما أحقره من نصر

في مثل سنك أيها المغرور ...

و في سيناء أيضاً

كان الشرق الأوسط يهتز

لأزيز طائرتي

و تحبس العوالم أنفاسها

و تهفو مصر

و تخفق القلوب تستطلع

ما تطيره الوكالات ...

من أنباء النصر

و ها أنا أمامك ...

شيخ واهن ...

تخلت عني الدنيا

فكأنني ما حلمت يوماً

و ما فعلت

(9)

هل تستطيع أدواتك

أيها الطبيب...

أن تغوص لما دون اللحم

و دون الدم

هل تستطيع تلك الآلات

أن تقيس حجم الألم ...

و عمق الندم ...

و طول الهم ؟...

ماذا ستذكر في تقريرك عن حالتي ؟

فليس الكشف أيها الواهم ...

هو ما قد كشفت ...

( يتبع .... )

(10)