ADAB !!!

الأحد، فبراير 20، 2011

سيدي عمرو أديب

السيد/عمرو أديب
تحية و بعد ...
يعز علي حالك ، و أأسف ألف أن أخبرك بأن الزمن لم يعد زمنك
بأمكانك أستاذ عمرو أن ترحل للوراء عبر الزمن ، عد لزمن ما قبل الفضائيات و الفيس بوك و اليوتيوب।ففي زمننا الميكروسكوبي هذا كل شيء واضح بلا لبس فلن تستطيع أن تخدع الناس كثيراً و لن تستطيع أن تبدل "الوشوش" بالسهولة التي كان أمثالك يفعلونها في أزمنة مضت ... ففي تلك الأزمنة الضبابية البائدة لم تكن عملية تبديل الوشوش هذه تستدعي أكثر من أن تبتلع قرصاً مسكناً لوجع الضمير ثم تنطلق في الحياة تقول ما شئت لهؤلاء فينبهروا بجرأتك ، فإذا قابلك الآخرون و سألوك هل قلت ؟! عندئذ تغير الوش و تثور بنفس الجرأة و تقول بملء فيك :" الله يخرب بيت الأشاعات "!!! فتظل محترماً جريئاً ثائراً عند أناس و صديق أمين مخلص عند الآخرين ، بل و ربما أستطاع المحنكون ممن لا يستطيعون العيش خارج الأزمنة و الأمكنة الضبابية أن يستغلون إمكانيانتك الخارقة هذه في نقل المعلومات
"من و إلي الجانب الآخر"،و لكن بطريقة التلفزيون المصري الذي يأخذ المعلومات الصحيحة و نبض الشارع ثم يبث المعلومة الموجهة !!! ।و لكن الناس في هذا الزمن أصبحوا علي درجة من الوعي بحيث يستطيعون معرفة ذي الوش من ذي الوشين أو ذي الوشوش المتعددة و لا يمر زمان طويل حتي يفقد هؤلاء كامل مصداقيتهم و يصير كلامهم بخاراً لا يسمن و لا يغني من جوع ، بل وينقلب بشكل ما لما كان يسمي في زمان السلاطين بالمهرج ، هذا الذي يملأ البلاط كلاماً و خطباً تعجبك إذا سمعتها و لكن إن أسعدك الزمان بملازمة السلطان لفترة أطول فستري أن هذا المهرج لا يتورع أن يهاجم اليوم ما قاله بالأمس و يهاجم غداً كلا القولين بلا أستحياء علي الإطلاق ... فليس مطلوباً من المهرج أن يكون صاحب رأي و لكن مقدم التوك شو لا يجوز أن يكون بلا رأي بل لا يجوز أن يكون بلا عقيدة راسخة و إيمان لا يتزعزع ...
هذا علي الجانب المهني ، فإذا وسعنا المنظور ليشمل جانب آخر لا يقل أهمية و هو الجانب الأخلاقي ، فإنه يؤسفني أن أذكرك أني و جميع البشر نقسم الناس تلاقئياً إلي : رجال و أنصاف رجال و غير رجال !! و لا نحتفظ فوق رؤسنا إلا بالفئة الأولي ... " الرجــــــــال" ... و الرجل في أحدي تعريفاته العربية علي إختلاف البلدان و الديانات بل و الأزمنة ، هو الأنسان - ذكراً كان أو أنثي- الذي يعرف قيمة
" الكلمــــــــــة" ... فهي متي خرجت من فمه صارت بنتاً له ، تحمل إسمه ، لا يستطيع التبرأ منها و لا إدعاء أنه " ماكنش قصده" فلا أحد ينجب بلا قصد !!! و إن حدث فعليه تحمل تبعات ذلك ، خاصة إذا أيقن الناس بأنه حتي الأعتذار لا جدوي منه، فالأعتذار لا يكون شجاعة في كل الأحوال بل إنه قد يكون خسة و ركوباً لموجة جديدة قائمة ...
و أمثلة الصادقين علي المستوي المهني و الأخلاقي كثيرة يضيق المجال بذكرها و لكن لا محل لها الآن فأنت المعني برسالتي وحدك ...
سيدي عمرو أديب كنا أصفق لك (أحياناً) و أنت تلعن النظام الفاسد و تكشف لنا ما استطعت من مصائبه ، و تعاطفت معك و أنت محروم من جمهورك و من منبرك عقب قرار جائر أعمي بوقف العمل بقناتك الفضائية، و لكني نظرت بعين الريبة و الشك حين أنضممت إلي استديوهات التهدئة الموجهة و لم تتجه لميدان التحرير و أنت المظلوم المقموع المكبوت !!! ... ثم تهاوي كل شيء تماماً حين خرجت تلعن الرئيس الراحل بجرأة لم نرها أيام كان الرجل فوق كرسيه ...
كنت سأحترمك كثيراً لو التزمت الصمت و لم تركب الموجة الثائرة الوليدة ... كنت و قتها أستطيع أن أقول أنك كنت تخاف و الخوف ليس عيباً و لكن العيب هو تبديل "الوشوش" و العيب كل الغيب هو التبرأ من " الكلمـــــــــــــة " ....